التغذية المدرسية .. الجوع والطموح !!

 

إدارة التعليم: التغذية المدرسية الآن دون الطموح المنشود ونأمل في خطة لتصفير الجوع بالسودان !!

لجنة خور أبو حبل: خططنا لتحقيق مشاريع عملاقة إلا أن العمل يسير ببطء !!

مفوض العون الإنساني:  نعمل على توسيع مظلة المشاركة ونعول على المساهمات الشعبية والدعم الحكومي !!

الواقع الاقتصادي المرير نجمت عنه الكثير من الإفرازات الضارة التي مست قطاعات حيوية مؤثرة من مؤسسات الدولة .. فالكثير من الصعوبات والمعوقات أضحت تعرقل سير أهم أعمدة الدولة “المؤسسة التعليمية” مما دعا للوقوف لوضع معالجات تسهم في رفع الحالة التي يرزح فيها الطلاب جراء معاناتهم في الحصول على بيئة تعليمية سليمة تمكنهم من الحصول على تحصيل أكاديمي يساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة التي تنشدها الدولة .. وفي سبيل ذلك لعبت المنظمات المحلية والإقليمية والدولية دوراً محورياً لرفع المعاناة عن كاهل الطلاب من خلال عقد شراكات مع عدة جهات ذات صلة لتوطين برامج التغذية المدرسية لكسب مزيد من الاستقرار وتقليل الفاقد التربوي الذى نتج عن الضغوط الاقتصادية وتردي الظروف المعيشية التي تسببت في تسرب أعداد كبيرة من الأطفال من المدارس بحجة عدم توفر متطلبات التعليم من ملبس ومأكل.

تحقيقات النخبة: مصعب الهادي

جوع وطموح..!

كشفت تقارير لبرنامج الغذاء العالمي أن الجوع يؤثر على التعلم والتركيز المدرسي على المستوى العالمي بنحو 66 مليون طفل للمدارس .. وجراء ذلك يضيع ما بين 200-500 مليون يوم دراسي لأسباب الصحة السيئة في البلدان متدنية الدخل مما دعا البنك الدولي لعقد شراكة مع برنامج الغذاء العالمي للإسهام في معالجة الإشكالات التي تواجه الطلاب في العالم .. ولا ينفصل السودان عما تقاسيه الدول متدنية الدخل فمذ العام 1969م عمل البرنامج على مساعدة ملايين التلاميذ من أطفال المدارس للحضور للدروس ويغطي برنامج الغذاء العالمي الآن ما يقارب  المليون تلميذ بالسودان عبر وزارة التربية ممثلة في إدارة التغذية المدرسية بتوزيع وجبة الإفطار للتلاميذ باتفاقية وقعت في كل ولاية بين البرنامج وإدارة التغذية المدرسية الولائية .. ورغم ذلك إلا أن برنامج التغذية المدرسية لا يشمل كافة المدارس بل بعض المدارس بكل ولاية رغماً عن أن الاتفاقية بين برنامج الغذاء العالمي والحكومة تتضمن أن تكمل الأخيرة النقص في الغذاء .. إلا أن الحكومة لم تلتزم بالبند.

خلال حديثه أوضح مدير الشؤون المدرسية بوزارة التعليم الدكتور بلال يحي بلال أن مشروع التغذية المدرسية المقدم من برنامج الغذاء العالمي الآن ليس بالطموح المنشود إلا أنهم وبالسعي مع الشركاء والمجتمع المدني يأملون في وضع خطة مستقبلية مستدامة لتوطين التغذية المدرسية بالسودان لتصفير الجوع الخفي للتلاميذ في المدارس .. وكشف بالأرقام أن أعداد المدارس المستفيدة بولاية الخرطوم  بمحلية أم بدة 234 مدرسة بنين وبنات وبمحلية جبل أولياء 294 مدرسة بنين وبنات .. مبيناً أن مجمل المستفيدين من الطلاب بمحليتي أم بدة وجبل أولياء يبلغ الـ 181000 تلميذ وتلميذة .. في محلية أم بدة 97000 تلميذ وتلميذة أما في محلية جبل اولياء فيبلغ العدد 84000 تلميذ وتلميذة .. لافتا إلى أن مكونات الوجبة عبارة عن (زيت وذرة وعدس وبسلة وملح).

وعن دور الحكومة قال بلال: تقوم في بعض الولايات كولايات دارفور الخمس وولايات كردفان الثلاث والقضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق بدعم التغذية المدرسية عبر المحليات في مرحلتي الأساس والثانوي خاصة تلاميذ شهادتي الأساس والثانوي .. كما تقوم الحكومة بتعيين الطباخين والسفرجية في بعض الولايات التي يدعمها برنامج الغذاء العالمي بمواد التغذية .. ويتابع: أيضاً في ولايات دارفور وكردفان وكسلا والنيل الأزرق والبحر الأحمر وبعض المناطق في الخرطوم يتم الدعم ببسكويت مدعم بمكملات غذائية ويعتبر وجبة غذائية مكتملة .. مؤكداً أن الجهد المبذول يقوم بشراكة مع منظمات محلية عاملة في المجال منها (ايكو سودان) التي اعتبرها سباقة في تقديم المشاريع الإنتاجية التي تعنى باستمرار واستدامة المشروع .. كما تعمل على فتح مشاريع جديدة عملاً بالمثل القائل: (لا تعطني سمكة بل أعطني شبكة لاصطياد السمك) مشيراً إلى أن برنامج الغذاء العالمي لا يعد المانح الوحيد ولكنه من أوائل المانحين والأقدم في دعم التغذية المدرسية..  إلا أنه بجانب برنامج الغذاء العالمي هناك مانحون بنسبة ضئيلة في مشاريع مشتركة خاصة بتعليم البنات وتعليم الرحل .. لافتاً إلى أن برنامج التغذية المدرسية يعد في الأصل مجموعة لشراكات مختلفة منها وزارات الزراعة والصحة والرعاية الاجتماعية والمالية والتخطيط الاقتصادي والتعاون الدولي .. ويؤكد بلال ليست لدينا مصالح والبرنامج له اتفاق مع الحكومة لدعم التغذية المدرسية أي أن الحكومة تعمل بجهدها ليكمل الشركاء ولا توجد أي مصالح في ذلك سوى دعم العملية التعليمية.

السير ببطء …!

شح الموارد والبيئة المعيشية في الولايات نتاج الضغوط الاقتصادية تتسبب في تسرب نسبة كبيرة جداً من الأطفال من المدارس لعدم توفر أساسيات التعليم من ملبس ومأكل مما دعا الكثير من الأهالي بعدة ولايات لمحاولة تطبيق فكرة مشروع التغذية بجهد شعبي لجعل التعليم الغاية الأساسية ومن ضمنها وأهمها المبادرة التي ابتدرها أبناء شمال كردفان بمحلية  أم روابة للحد من النزاعات والتفلتات الأمنية التي عمت المنطقة من قبل .. فبقيادة الصحفي الأستاذ الزين خليفة (كندوة) طرحت مبادرة أهلية إبان انعقاد مؤتمر التعليم العام بولاية شمال كرفان تعمل على النهوض بمشروع خور أبو حبل لتوطين التغذية المدرسية بالولاية خاصة والسودان بشكل عام.

وعن ذلك بين عضو لجنة مساندة مشروع التغذية المدرسية بامتداد مشروع خور أبو حبل امتداد أم روابة الدكتور محمد آدم إبراهيم مصطفى الشاويش أن الفكرة جاءت لأن معظم أراضي ولاية شمال كردفان في السافانا الفقيرة ولا توجد بها أنهار ما عدا خور أبو حبل في الجزء الجنوبي والجنوبي الشرقي للولاية وهو موسمي .. من هذه الأهمية والصفة تم اختيار تلك المنطقة لتكون مقراً لإنشاء مشروع التغذية المدرسية بالولاية لبساطة وجود الارض والماء والطرق المسفلتة (طريق كوستي الأبيض والطريق الدائري أم روابة كادوقلي) من هذا المعيار كان الاختيار للمنطقة حتى تضم ما يقارب 6000 تلميذ بالمرحلتين الثانوية والأساس .. وفعلياً شرعت بعض المنظمات الدولية والإقليمية لقيام المشروع حتى إن وزارة التربية الاتحادية أعلنت عن تبنيها بجانب التزام محلية أم روابة بتوفير المساحة الزراعية في خور أبو حبل (هنالك أراضٍ بور يجري تقنينها .. الآن  تقدر المساحة ب50 ألف فدان وسوف تضاف لها في المراحل القادمة منطقة شرق أم روابة المحاذية لخور أبو حبل حتى حدود ولاية النيل الابيض (تندلتى) .. ليتم تكوين لجان متخصصة لإعداد دراسات الجدوى.

وسبق أن عقد اجتماع مع شركاء المشروع وهم مواطنو القرى حول الامتداد وتم تنوير مواطني تلك القرى وملاك الأراضي وشرحت لهم أبعاده على إنسان المنطقة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وكذلك من الناحية الأمنية .. تلا ذلك الاجتماع مع المدير التنفيذي لمحلية أم روابة وكل إداراته وتمت عدة تكاليف “استخراج شهادات خلو طرف من النزاع وعملية الرفع المساحي وإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية والتأمين عل كل مخرجات المؤتمر من ناحية مشرع التغذية والفلاحة المدرسية” ودفعت عدة آراء من بعض المنظمات (برنامج الغذاء العالمي بأن يكون المشروع شراكة مع المجتمعات) ورفعت بعدها التوصيات لتحقيق المشروع ضمن عشرة مشاريع عملاقة مستهدفة في التنمية المستدامة ومن المشاريع ذات البعد الاجتماعي.

وفعلياً كونت لجنة عليا من قبل والى ولاية شمال كردفان إلا أن العمل يسير ببطء لإكمال متطلبات إنشاء هذا المشروع والحكومة لم توليه الرعاية الكافية .. داعياً الجهات ذات الصلة بالإسراع فيه واستمرار الدعم لتحويل إنسان المنطقة إلي إنسان مُتعلم ومنتج .. وقطع قائلاً: آخر ما تم التوصل إليه القرار الولائي رقم 26 من والي ولاية شمال كردفان بتكوين لجنة عليا لمشروع التغذية المدرسية بامتداد مشروع خور أبو حبل منوهاً لضرورة قيامه وتطويره باستصحاب الدراسات ذات الصلة والتحليل والتقييم وتحليل المخاطر والانحرافات وتطوير التغذية بافتتاح الداخليات بالمرحلتين بالتدريج حتى تعم الفائدة باستقطاب دعم المنظمات مادياً لما لها من دور أساسي  في ذلك حتى يقف المشروع على رجليه ويعتمد على تمويل نفسه بنفسه.

جهود ولكن…!

على الرغم من الجهود المبذولة من قطاعات مختلفة لتوطين برنامج التغذية المدرسية ليصبح سنداً وداعماً لمدراس الدولة وخلق بيئة تعليمية محسنة تمكن التلاميذ من العودة لأدراج المدارس مجدداً باستقرار ذهني ونفسي إلا أن ذلك يواجه الكثير من التحديات والصعوبات والمعوقات التي تعرقل سير تنفيذ البرنامج بشكل متكامل ومستقبلي .. وفي ذلك استطرد مفوض العون الإنساني مكي سعيد حمد النيل قائلاً: إنهم أي الشركاء يتعشمون ويعملون على توسيع مظلة المشاركة من خلال التسويق لمشروع ايكو سودان والتعويل على المساهمات الشعبية والدعم الحكومي .. مؤكداً أن المفوضية تدعم بشدة كل ما من شأنه تطوير التغذية المدرسية .. وتعتبر المفوضية من الداعمين الأساسيين للتغذية المدرسية بجانب برنامج الغذاء العالمي الذي يقوم بدور ساهم حتى الآن كثيراً في تقليل التسرب المدرسي .. ويقول مكي: ما يقدم مرضٍ بالنسبة لنا ولكنا نتعشم في المزيد وندعم كل فكر يذهب في اتجاه التطوير لكننا نأمل في المزيد من الدعم – خاصة – لمشروع ايكو سودان لأنه غير مسبوق وسيحدث نقلة نوعية في التغذية المدرسية بجانب ذلك نتعشم في دخول شركاء جدد فنحن جادون لإنجاح التجربة وإهدائها لكل السودان لاستقرار الطلاب ومنع التسرب.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *