أكاديمي: ثورة ديسمبر تغيير حقيقي لسنوات من السلبيات التي أقعدت بالسودان !!
باحث: لتأسيس ديمقراطية صحيحة على الجميع العض بالنواجذ على أهداف الثورة !!
مهندس: قطار الثورة تجاوز الجميع وسيكمل مشواره …!
طبيب: لم (يتحقق) التغيير ولا الحرية ولا السلام المنشود … !!
معلم: الإجراءات الأخيرة عزلت (حكم الشلة) ..!
عضو لجان مقاومة: الثورة حية والشارع فقط من يحدد شكل التغيير والدولة…!
النخبة : الخرطوم
عقب سلسلة الاحتجاجات التي اندلعت في العام 2018م والتي شملت المدن السودانية جراء التدهور في كل المستويات والأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشية واستشراء الفساد واستمرار الحرب في بعض الولايات .. شهدت الاحتجاجات السلميّة التصدي من قِبل السلطات لتفريق المتظاهرين بل شهدت بعض المدن ما وصف بالقوة المفرطة (إدانتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ) و(نفتها الشرطة السودانية) في مؤتمر صحفي وعبر أكثر من بيان ووعدت بالتحقيق للوصول للجناة حيث أشارت أصابع الاتهام إلى وجود طرف ثالث .. فقد شهدت التظاهرات سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين.
ثلاثة أعوام انقضت من عمر ثورة ديسمبر المجيدة تباينت فيها الآراء حول الحصاد .. البعض بدا متفائلاً بالتغيير وبدء مرحلة انتقالية تنتهي بإقامة انتخابات لنقل السلطة إلى حكومة منتخبة إلا أن البعض بدا محبطاً ووصف المشهد بالمرتبك والمضطرب … وكان هناك إجماع بان الثورة ماتزال شعلتها متقدة:
نظرة الشارع…!
بدأ الأستاذ والأكاديمي زين العابدين عثمان حديثه متفائلاً واعتبر ثورة ديسمبر ثورة تغيير حقيقي لسنوات من السلبيات التي أقعدت بالسودان وفتحت أبواباً جديدة للعدالة اجتماعية وكبح جماح الفساد داخل دواوين الحكومة .. وأضاف زين العابدين قائلاً: ثورة ديسمبر في ذكراها الثالثة ورغم الإحباط إلا أنني متفائل بمستقبلها في كافة المناحي وذلك يتراءى لي في حالة الالتفات لأسباب الضعف والوقوف لمعالجتها بالاتعاظ من اخفاقات فترة العامين التي انقضت .. مشيراً إلى أن الشعب السوداني قادر على ذلك بعد أن أوصد باب الفساد والاستبداد وفتح آفاق الديمقراطية واسعة .. إلا أن المهندس طه أبوبكر قال بنبرة فيها خيبة أمل: الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر تأتي وفي الحلق غصة فما يحدث الآن انتكاسة وردة حقيقية عن مكتسبات ثورة ديسمبر والتحجج بديمقراطية عرجاء .. ويتابع: الوضع الحالي غير مبشر خاصة إنه يستند على ركيزة واهية وهي “حقن الدماء” مستدلاً بأن قوى الثورةَ المضادة استطاعت نتيجة لتغلغلها في مفاصل الدولة أن تعيد تشكيل نفسها من جديد لتنقضّ على الثورة وتلعب القوى الإقليمية والعالمية تأثيراً بالغاً في هذا الشأن .. إلا أنه أكد أنه بالرغم من ذلك لن يقف قطار الثورة الذي تجاوز الجميع وسيكمل مشواره وسيقرر الشعب السوداني مصيره ويؤسس للنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يرتضيه.
الاتفاق السياسي…!
لم يخف البعض امتعاضهم من إجراءات 25 أكتوبر وما صاحبها من أحداث حيث يعلق الطبيب أحمد حسين بقوله: إن الديمقراطية الآن هشة وتعتبر (لقمة سائغة) في أيدي العسكر فمنذ 11 إبريل وجميع شعارات الثورة السودانية تم تدجينها ليأتي انقلاب 25 أكتوبر ويكشف عن تحديات حقيقية أمام التغيير .. ويضيف حسين: تراجعت الآمال الكبيرة وانزوت الطموحات والتطلعات وكل الاماني الجميلة .. لا تغيير ولا حرية تحققت ولا سلام ونذر الحرب تدق على جميع الأبواب .. وانتقد حسين عدم تقديم رموز النظام البائد للمحاكمة حتى الآن وقال إن عدم محاكمة من أجرموا في حق الوطن والشعب أكبر دليل على أن ما يحدث هو ردة عن الثورة وأهدافها.
أما المعلم نبيل ماهر فله رأي خلاف ذلك إذ يقول: إن الاتفاق الأخير قد عزل الشلة الحاكمة من العبث بمكتسبات الثورة. وزاد: البعض يريد أن يُحبط الشعب السوداني في ثورته خاصة بعض (الأحزاب السياسية) وذلك بسبب ما فقدته من حصة في السلطة .. وقال إن هناك من يرى أن الإجراءات الأخيرة اتت بصورة غير سليمة ولكن يجب أن نرى أن هنالك حل ما دامت السلطة عملية متداولة والتغيير يحتاج لوقت .. وقطع ماهر بقوله: أنا أرى أن الاتفاق الذي تم بين (البرهان وحمدوك) وعلى أثره تم التراجع عن قرارات 25 أكتوبر يعد تداولاً للسلطة فما حدث في 21 أكتوبر يعد إذعانا لصوت الشارع الذي لفظ من يقرر له بالوراثة أو بالبندقية واعتبر ذلك مراناً ديمقراطياً كبيراً للشعب السوداني الذي لم يتعود على الاختيار الحر بعد سنوات من سيادة سياسة السمع والطاعة والإذعان لولي الأمر أو من ينوبه.
الراهن والمستقبل..!
وفي قراءة لمستقبل ديسمبر المجيد والديمقراطية في السودان قال الباحث سيف عجب الله: لتأسيس ديموقراطية صحيحة يجب على الجميع سواء (العكسر) أو (المدنيين) العض بالنواجذ على أهداف الثورة بالتصدي لكل من يحاول أن يحدث فتنة بين الشارع والدولة .. والأهم من ذلك تسليم السلطة للمدنيين في أسرع وقت وحفظ أحقية ودور كل مؤسسات الدولة (المدنية والعسكرية) والمهنية وتعزيز قوميتها واستقلالها وإبعادها عن الاستغلال الحزبي في الصراع على السلطة.
من جهته أكد عضو تنسيقية لجان المقاومة احمد عادل أن عملية جرد حساب الثورة مازالت غضة. ليضيف: الشارع فقط هو من يحدد شكل التغيير الحقيقي وبناء الدولة .. مبيناً أن الثورة مازالت حية ويتراءى ذلك في الحراك الثوري المنتظم الآن في الشارع والذي يطالب من خلاله أبناء الشعب السوداني بتنفيذ أهداف ثورة ديسمبر المجيدة ولابد من تحقيق السلام الشامل وإيقاف حمام الدم في بعض أرجاء السودان والعمل بعيداً عن المحاصصات والاجتهاد في تنمية المناطق المحلية وعودة النازحين لقراهم وتعويضهم ببرامج التنمية المتوازنة. والقصاص للشهداء في مجزرة القيادة العامة والتفكيك الكامل للتمكين واستعادة كل الأموال المنهوبة وإعادة النظر في كل الاتفاقيات وتسليم المخلوع عمر البشير وكل المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية. وإشراك أصحاب المصلحة في السلطة .. ويختتم أحمد عادل حديثه ويقول: بدون كل ذلك لن تتحقق دولة المواطنة. وأكد أن على الحكومة القادمة أن تعمل على ذلك وتشعر الشعب السوداني بجديتها وحرصها على تحقيق طموحاته في حكومة مدنية كاملة وفي مقدمة ذلك رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح كل المعتقلين وحل كل المليشيات والجيوش المتعددة وفقاً للترتيبات الأمنية وجمع كل السلاح والعمل على إصلاح النظام العدلي والقانوني وقيام المحكمة الدستورية وعدم تدخل الدولة في النقابات .. وفوق كل ذلك تحسين الأوضاع المعيشية ووقف التهريب ودعم الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي وتوفير فرص عمل للعاطلين وضمان مجانية التعليم والخدمات الصحية وفتح آفاق سياسة خارجية متوازنة لمصلحة شعب السودان ومن ثم قيام مؤتمر دستوري يرضى طموحات الشعب السوداني.